مجلـــــــــــــة الإحياء الإسلامي ::: العدد الأول ::

تحميل المجلة بصيغة word

تحميل المجلة بصيغة pdf

تصفح المجلة

معاينة غلاف المجلة

الخميس، 15 مارس 2012

ملف تاريخ الدعوة المعاصر ::: دور عبد الناصر في حرب يونيو ::: بقلم الأستاذ/أحمد عبد المجيد.

مشاركة


::: دور عبد الناصر في حرب يونيو :::
بقلم الأستاذ/أحمد عبد المجيد.

مقدمة:
-الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وبعد:-
فلاشك أن أي فرد يتمني الخير لبلده وأمته،ولكن الواقع الذي حدث من عبد الناصر في حرب يونيو 1967 يظهر لنا عكس ذلك،ويظهر لنا مدي الخسارة الفادحة والهزيمة المنكرة التي ذاقتها البلاد والعباد،وذلك بسبب الأوامر التي قام عبد الناصر بإصدارها،والأحداث التي قام بصنعها وقيادتها حتي أدت إلي ذلك الواقع المرير الذي لا يتمناه من عنده أدني ذرة من حب لدينه أو حتي بلاده،وسنتجول في مبحثنا هذا عن دور عبد الناصر عن هزيمة حرب يونيو.
حرب 1967:-
استفاد اليهود من حرب يونيو 67 استفادة كبيرة جداً علي يد جمال عبد الناصر وفي مجال شتي مما لم يكن يخطر لهم علي بال سواء في حينها أو بعدها وحتى الآن،ونبين هنا أن الإجراءات التي اتبعت في حرب يونيو 67 متماثلة مع الإجراءات المتبعة في حرب 1956 مع خلاف بسيط،مما يجعل المرء يعتقد أن من وراء ذلك سوء قصد،وتعمد الوصول للنتائج التي أدت إلي الهزيمة المخزية والمزرية،ومن ذلك:-
1-علم عبد الناصر المسبق بوقوع الحرب:-
ثبت أن عبد الناصر كان علي دراية سابقة بوقوع الحرب ،وسنتكلم هنا بإيجاز عن ذلك ثم دوره بناءاً علي هذا العلم،في هذه الحرب كان عند عبد الناصر معلومات كثيرة أكيدة ودقيقة عن قرب وقوع العدوان،وبصورة أوضح بكثير من حرب 1956 نسوق منها:-
-وصول معلومات وتفصيلات عن استعداد إسرائيل العسكري للحرب،وتحديد 5يونيو للهجوم علي مصر،وذلك عن طريق مندوب المخابرات المصرية المزروع في إسرائيل والمسمي”رأفت الهجان"(1).
-إعطاء كولونيل فرنسي تفاصيل خطة الهجوم علي مصر وساعة وتاريخ الهجوم علي مصر للمفوض المصري بباريس (عز الدين شرف) الذي سافر للقاهرة لإبلاغ شقيقه سامي شرف(مدير مكتب الرئيس)،والذي قام بدوره بإبلاغ عبد الناصر بذلك في نفس اليوم.
-جاء علي لسان الفريق أول محمد أحمد صادق،مدير المخابرات الحربية عام 1967 أنه في أحد الاجتماعات العسكرية التي عقدت برئاسة عبد الناصر يوم 2يونيو 1967،أعلن فيه أن معلوماته التي حصل عليها شخصياً من مصادر دولية كبيرة كالهند تؤكد هجوم إسرائيل يوم 4أو5 يونيو ..وتقرير المخابرات بصوت مسموع:إن إسرائيل ستهجم يوم 5يونيو(2).
وقال :-"إن علينا ألا نبدأ بالهجوم ،ونتلقى الضربة الأولي ،وأن روسيا أكدت أن خسائرنا لن تزيد علي 15في المئة)(3).
هذه المعلومات وغيرها وصلت إلي علم عبد الناصر،ويؤكد ذلك قوله في خطاب 23يوليو 1967 والذي أشار فيه إلي اجتماعه بالقادة العسكريين الكبار بمبني القيادة العامة للقوات المسلحة،حيث قال "…وقلت في هذا الاجتماع يوم 2 يونيو أنه لابد لنا أن نتوقع ضربة من العدو في خلال 48 ساعة إلي 72 ساعة لا تتأخر عنها أبداً علي أساس ما كانت تشير دلائل الحوادث والتطورات،وقلت أيضاً في هذا الاجتماع إنني أتوقع أن يكون العدوان في الاثنين 5يونيو وأن الضربة الأولي ستوجه إلي قواتنا الجوية…"وحدث ما تم ذكره تماماً من ضرب القوات الجوية في التاريخ المذكور.
ب-استجابة عبد الناصر لنداء روسيا وأمريكا وانتظار الضربة الأولي:-
في حرب يونيو 1967 طلبت كل من الاتحاد السوفيتي ،والولايات المتحدة الأمريكية من عبد الناصر ضبط النفس وعدم المبأداة بالعدوان،وقد استجاب عبد الناصر لذلك رغم علمه بتوقع الحرب-كما سبق القول-وانتظر الضربة الأولي حتي وقعت دون أن يكون هناك أدني استعداد من جهته لذلك!.
يقول في المؤتمر الصحفي يوم 28مايو عام 1967:"مستنيين(منتظرين)تاركين المبادأة لهم".
ولا يفوت عبد الناصر أن ذلك خطة السياسة العسكرية الإسرائيلية أن تكون هي دائماً البادئة بالعدوان نظرا لوضعها وحجمها "إن فرصة إسرائيل الوحيدة في التغلب علي خصمها الذي يفوقها في العدد والعدة تكمن في أن تكون البادئة بالهجوم"(4).
وأكد عبد الناصر في اجتماع القادة يوم 2يونيو 1967 أن الوضع سيحل سلمياً عن طريق أمريكا وروسيا ،وسيرسل زكريا محيي الدين إلي الولايات المتحدة لذلك.
-ويقول محمد حسنين هيكل في مقاله "بصراحة":(إن المواجهة المسلحة مع إسرائيل أصبحت واقعة لا محالة ولكننا سننتظر الضربة الأولي منها ونرد عليها بضربة ردع حاسمة"(5).
ج-الإجراءات العسكرية في المعركة:-
أهم ما نلاحظه في سير هذه المعركة هو أمر عبد الناصر بتخفيض حمولة الطائرات من الذخيرة بنسبة 25 في المئة،والسماح لأجازات الطيارين بنسبة 15 في المئة،علي أن تنفذ هذه التعليمات اعتباراً من يوم 5يونيو 1967م،وزاد من بلية الأمر وغرابته ووضع علامة استفهام كبيرة علي تصرف عبد الناصر هذا بالذات هو إصداره أمراً للمشير عبد الحكيم عامر ومعه طائرتان تحملان طاقم القيادة العسكرية بالكامل بالتوجه إلي سيناء ،وإعطاء أوامر للدفاع الجوي بمنع التعرض لأي هدف طائر علي مستوي الجمهورية من الساعة الخامسة من صباح 5يونيو رغم اعترافه وعلمه السابق الإشارة إليه-بأن الطيران الإسرائيلي سيبدأ الهجوم بين الساعة السابعة والساعة الثامنة من صباح يوم 5يونيو 1967م.
-وبدأ الهجوم صباح هذا اليوم والطيران الإسرائيلي يسبح في سماء الأجواء المصرية بطلاقة وحرية ،دون أن تتعرض له الصواريخ أو المدفعية المضادة للطائرات تنفيذاً للتعليمات الصادرة في اليوم السابق للعدوان.
وقصفت الطائرات الإسرائيلية المطارات المصرية ،والطائرات رابضة في ممراتها وفي خلال ساعات دمرت هذه المطارات بنسبة 80 في المئة.
فالأمر في الاستعداد لمعركة 1976 في منتهي الغرابة وفي غاية الدهشة والفوضى والتسيب.
-يقول الفريق أول محمد أحمد صادق مدير المخابرات الحربية عام1967م:("جريمة كبري" ولا يمكن أن أصفها بأقل من ذلك تلك التي ارتكبوها في حق الشعب المصري وهم ينفذون مشروع التعبئة العامة لمعركة 5يونيو 1967 ،عندما قاموا بكل الهزل والاستخفاف بإرسال تشكيلات قوات الاحتياط بملابسهم المدنية إلي مسرح القتال ودون أسلحة أو أغذية أو أدوية،بل بدون توفير مياه الشرب لهذه القوات…،أرسلوا مئات الدبابات دون وقود،ودون إبر ضرب النار إلي سيناء وأطقم دبابات"ث34" يرسلونها إلي دبابات"ت54"ودبابات جديدة خرجت من المخابرات(6)بشحومها وبدون بطاريات أو ذخيرة،وبينها دبابات شيرمان الغربية التي حصلت عليها مصر سراً قبل الحرب بفترة قصيرة،تشكيلات برية دفعوا بها إلي سيناء ،دون أن يكون لدى قادتها خرائط بمواقعهم ،أو أوامر بواجباتهم القتالية،كما شحنوا إلي الجبهة بوحدات الحرس الوطني دون مهام لها ،فتحولوا إلي عبء خطير إدارياً وقيادياً وإنسانياً،ولم يرسلوا إليهم بكميات من الأغذية تكفي أسبوعا ولا حتي يوماُ واحداً ولا بمياه شرب وبالدواء تحسباً للأمراض المفاجئة،أعادوا قادة من الجبهة دفعوا بدلاً منهم آخرين علي مستوي التشكيلات الكبيرة والصغيرة كذلك،دون أن يكون لهؤلاء القادة الجدد أدني فكرة عن تنظيم التشكيلات التي سيتولون قيادتها واستمر ذلك حتي نهار 4يونيو،وظلت مستودعات الذخيرة والبترول واحتياطات الغذاء الجافة متناثرة في جبهة سيناء كما تستلزم حالة السلم دون نقلها إلي مستودعات أخري خشية التدمير أو السقوط في أيدي العدو الذي استخدمها وهو يزحف متقدماً نحو الضفة الشرقية للقناة وبين هذه المستودعات مخازن الذخيرة)(7) .
د-انسحاب يونيو1976م:-
أصدر جمال عبد الناصر الأوامر بالانسحاب الفوضوي غير المدروس،وبدون خطة،مما أربك القوات المصرية في صحراء سيناء المكشوفة ،وأصبحت هدفاً سهلاً للطيران الإسرائيلي،مما عرضها للإبادة ،وتركها الأسلحة والمعدات والعربات ثم ملاذها بالفرار في اتجاه القناة والنجاة بنفسها.
-نتائج الحرب:-
في حرب 1976م احتلت إسرائيل سيناء بأكملها حتي قناة السويس ،هذا بخلاف مرتفعات الجولان والقدس والضفة الغربية فلي جانب الخسائر الباهظة في الحرب من ألوف القتلي والجرحى والأسري ،ومئات الملايين ثمن المعدات والأسلحة المختلفة ،والتجهيزات العسكرية والمدنية،مما كان له عظيم الأثر علي اقتصاد مصر فأدي بها إلي الخراب الذي وقع بها،فعانت ويلاته ولا تزال تعانيه حتي الآن.(8) .
الخاتمة:-
فعبد الناصر كان هو السبب الرئيسي في الهزيمة المنكرة في حرب يونيو1976م،ولقد أتاح ذلك لإسرائيل كل السبل لتحقيق السبل لتحقق لنفسها كل هذه المكاسب ،باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة،وكان هذه النتيجة هي التمهيد الطبيعي لاتفاقيات السلام بين مصر وإسرائيل فيما بعد،والذي يتبادر إلي الذهن هو التساؤل عن كيفية صدور مثل هذه القرارات والأوامر والتصرفات من رجل عسكري كان مدرساً بمدرسة المشاة ثم الكلية الحربية ولا يخفي عليه ما فعله،وبالتالي يُنفي عنه حسن النية أو حتي الخطأ،وقد نشر حسن التهامي في أغسطس عام 1979 بجريدة الأهرام ما يؤكد شكه الذي يحمله علي الاعتقاد بأن الهزائم التي لحقت بمصر عام 1967،لم يكن بخطأ عبد الحكيم عامر أو عبد الناصر ،بل الأمر يحمل ورائه شيئاً غير الخطأ!؟.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*انظر (عبد الناصر وعلاقاته الخفيُّة)للأستاذ أحمد عبد المجيد من ص59 إلي ص69 بتصرف.
1-الشرق الأوسط في 17/7/1986.
2- الشرق الأوسط في9/6/1987.
3-جريدة الوفد في 24 شوال 1407هـ الموافق 30 يونيو 1987م.
4-الموساد-جهاز المخابرات الإسرائيلية السري ص106.
5-الأهرام في 26 مايو 1967م.
6-التي هو مديرها.
7-الشرق الأوسط في 9/6/1987.
8-انظر كتاب وزارة المالية-اللجنة العامة لتعويضات الحرب-ملف100/1.

شارك أصدقاءك

0 التعليقات:

إرسال تعليق